الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -

إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعَ وَاجِبٍ بِوَاجِبٍ كَالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَهُوَ الْمَمْنُوعُ، أَوْ يَكُونَ بَيْعَ سَاقِطٍ بِسَاقِطٍ (كَمَا فِي صُوَرِ الْمُقَاصَّةِ) (١)، أَوْ يَكُونَ بَيْعَ سَاقِطٍ بِوَاجِبٍ (كَمَا لَوْ بَاعَهُ دَيْنًا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، بِدَيْنٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ)، فَقَدْ سَقَطَ الدَّيْنُ الْمَبِيعُ وَوَجَبَ عِوَضُهُ، أَوْ يَكُونُ بَيْعَ وَاجِبٍ بِسَاقِطٍ (كَمَا لَوِ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ قَمْحًا عَلَى سَبِيل السَّلَمِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَسَقَطَ عَنْهُ غَيْرُهُ) . وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمُ الإِْجْمَاعَ عَلَى امْتِنَاعِ هَذَا شَرْعًا، وَلاَ إِجْمَاعَ فِيهِ.

وَنَقَل تِلْمِيذُهُ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْهُ اخْتِيَارَ جَوَازِهِ، ثُمَّ قَال: وَهُوَ الصَّوَابُ، إِذْ لاَ مَحْذُورَ فِيهِ، وَلَيْسَ بَيْعَ كَالِئٍ بِكَالِئٍ فَيَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ بِلَفْظِهِ، وَلاَ فِي مَعْنَاهُ فَيَتَنَاوَلُهُ بِعُمُومِ الْمَعْنَى. فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ قَدْ شُغِلَتْ فِيهِ الذِّمَّتَانِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَجَّل أَحَدُهُمَا مَا يَأْخُذُهُ فَيَنْتَفِعُ بِتَعْجِيلِهِ، وَيَنْتَفِعُ صَاحِبُ الْمُؤَخَّرِ بِرِبْحِهِ، بَل كِلاَهُمَا شُغِلَتْ ذِمَّتُهُ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ. وَأَمَّا مَا عَدَاهُ مِنَ الصُّوَرِ الثَّلاَثِ فَلِكُلٍّ مِنْهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَمَنْفَعَةٌ مَطْلُوبَةٌ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ التَّقَاصِّ: فَإِنَّ ذِمَّتَهُمَا تَبْرَأُ مِنْ أَسْرِهَا، وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مَطْلُوبٌ لَهُمَا وَلِلشَّارِعِ.

وَأَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الآْخِرَتَيْنِ: فَأَحَدُهُمَا يُعَجِّل

_________

(١) يتضح من سياق كلامه أن مراده بالدين الواجب هو الثابت الذي ينشئه العقد نفسه لا الواجب قبلا، وكذا مراده بالساقط الدين الذي يسقطه من الذمة العقد نفسه وبهذا التفسير يصبح كلامه واضح الصور.