الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -

لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مَلَكَ بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ، فَكَأَنَّمَا الْمُحَال قَدْ بَاعَ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيل بِمَا لِهَذَا فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ.

وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: (الْحَوَالَةُ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ: لأَِنَّ الْمُحْتَال يَبِيعُ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيل بِمَا لِلْمُحِيل فِي ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّ الْمُحِيل يَبِيعُ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ) .

وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَوَّل كَلاَمِهِ، إِذْ يَقُول بِإِطْلاَقٍ: (وَالْحَوَالَةُ مُعَامَلَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) .

فَالْحَوَالَةُ، عَلَى هَذَا، بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، أَوْ كَمَا يَقُول فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: (هِيَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ)، وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُهُ، وَلَكِنَّهُ جَوَّزَ لِلْحَاجَةِ، رُخْصَةً مِنَ الشَّارِعِ وَتَيْسِيرًا.

فَكَثِيرًا مَا يَكُونُ الْمَدِينُ مُمَاطِلًا، يُؤْذِي دَائِنِيهِ بِتَسْوِيفِهِ وَكَذُوبِ وُعُودِهِ، أَوْ بِمُشَاغَبَاتِهِ وَضِيقِ ذَاتِ يَدِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ هُوَ أَلْيَنُ عَرِيكَةً، وَأَحْسَنُ مُعَامَلَةً، وَأَوْفَرُ رِزْقًا، فَيَرْغَبُ دَائِنُو الأَْوَّل فِي التَّحَوُّل إِلَى هَذَا تَوْفِيرًا لِلْجَهْدِ وَالْوَقْتِ، وَاتِّقَاءً لأَِخْطَارِ الْخُصُومَاتِ، وَتَحْصِيلًا لِجُزْءٍ مِنَ الْمَال عَاطِلٍ، يُمْكِنُ أَنْ تُنَمَّى بِهِ ثَرْوَةٌ، أَوْ تُسَدُّ بِهِ خَلَّةٌ. فَرَخَّصَ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ أَجْل هَذَا وَمَا شَاكَلَهُ، إِذْ لَوْ لَمْ تُشْرَعْ لَفَاتَتْ كُل هَذِهِ الأَْغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ، وَلَحَاقَتْ بِالدَّائِنِينَ أَضْرَارٌ جَمَّةٌ، وَلاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ فِي الإِْسْلاَمِ. وَالْعَكْسُ