الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا اسْتَوَى قَائِمًا مِنْ رُكُوعِهِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقُول: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَْرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْل الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَال الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، قَال الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ: يَسْتَوِي فِي اسْتِحْبَابِ هَذِهِ الأَْذْكَارِ كُلِّهَا الإِْمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ، يَجْمَعُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْنَ قَوْلِهِ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ إِلَى آخِرِهِ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ هُوَ قَوْلٌ لأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ (١) وَغَالِبُ أَحْوَالِهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ هُوَ الإِْمَامُ، وَلأَِنَّ الإِْمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَالْمُنْفَرِدُ يَجْمَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الذِّكْرَيْنِ فَكَذَا الإِْمَامُ، وَلأَِنَّ التَّسْمِيعَ تَحْرِيضٌ عَلَى الْحَمْدِ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْبِرِّ وَيَنْسَى نَفْسَهُ كَيْ لاَ يَدْخُل تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ. .﴾ (٢)
_________
(١) حديث: " كان رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ". ورد من حديث أبي هريرة، وسيأتي تخريجه.
(٢) سورة البقرة / ٤٤.