الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -
إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ، وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ وَالْمَوْضِعِ. قَال صَاحِبُ الدُّرِّ: فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الإِْجَارَةُ وَتُفْسَخُ. (١)
وَأَطْلَقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلاَثِ سِنِينَ فِي الأَْرْضِ وَسَنَةٍ فِي غَيْرِهَا كَمَا صَنَعَ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الأَْبْصَارِ. وَقَال الْخَصَّافُ: إِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ تُزْرَعُ فِي كُل سَنَةٍ لاَ يُؤَجِّرُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ فِي كُل سَنَتَيْنِ مُرَّةً لاَ تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، أَوْ فِي كُل ثَلاَثٍ لاَ تُؤْجَرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ.
وَإِنَّمَا جَرَتِ الْفُتْيَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ صِيَانَةً لِلأَْوْقَافِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ بِطُول الْمُدَّةِ قَالُوا: لأَِنَّ الْمُدَّةَ إِذَا طَالَتْ تُؤَدِّي إِلَى إِبْطَال الْوَقْفِ، فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ عَلَى طُول الزَّمَانِ مُتَوَالِيًا وَلاَ مَالِكٌ يُعَارِضُ وَيُزَاحِمُ - وَمَال الْوَقْفِ مَالٌ ضَائِعٌ لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ الْمُهْتَمِّ - يَظُنُّهُ الرَّائِي بِتَصَرُّفِهِ الدَّائِمِ مَالِكًا، وَيَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ إِذَا ادَّعَاهُ. وَلاَ مَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ فِي أَمْرٍ يَدْعُو إِلَى هَذَا الضَّرَرِ.
وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ جَرَتِ الْفُتْيَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى إِلْحَاقِ أَرْضِ الْيَتِيمِ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فِي هَذَا
_________
(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٥١٤ وتكملة البحر الرائق ٨ / ١٢ والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي ٣ / ١٤٤، والإسعاف ص ٦٤ والبحر الرائق ٧ / ٣٦٧ ومرشد الحيران م ٥٧٤ - ٥٧٦، والدر المختار بهامش ابن عابدين ٥ / ٥.