الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -

إِلاَّ بِحَقٍّ، وَلِلَّهِ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ حَقُّ الاِسْتِعْبَادِ، حَيْثُ قَال ﷿: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (١)

وَلِلْعَبْدِ فِي الْقِصَاصِ حَقٌّ، لأَِنَّ الْقَتْل الْعَمْدَ اعْتِدَاءٌ عَلَى شَخْصِهِ، لأَِنَّ لِلْعَبْدِ الْمَقْتُول فِي نَفْسِهِ حَقَّ الْحَيَاةِ، وَحَقَّ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا فَحَرَمَهُ الْقَاتِل مِنْ حَقِّهِ، وَهُوَ اعْتِدَاءٌ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول، لأَِنَّهُ حَرَمَهُمْ مِنْ رِعَايَةِ مُورَثِهِمْ، وَاسْتِمْتَاعِهِمْ بِحَيَاتِهِ. فَكَانَ الْقَتْل الْعَمْدُ اعْتِدَاءً عَلَى حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعَبْدِ، وَلِذَلِكَ كَانَ فِي شَرْعِيَّةِ الْقِصَاصِ إِبْقَاءٌ لِلْحَقَّيْنِ، وَإِخْلاَءٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْفَسَادِ. تَصْدِيقًا لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَْلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ . (٢)

وَغَلَبَ حَقُّ الْعَبْدِ، لأَِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُول يَمْلِكُ رَفْعَ دَعْوَى الْقِصَاصِ أَوْ عَدَمَ رَفْعِهَا، وَبَعْدُ الْمُطَالَبَةِ بِالْقِصَاصِ وَالْحُكْمِ عَلَى الْجَانِي الْقَاتِل يَمْلِكُ التَّنَازُل عَنْهُ وَالصُّلْحَ عَلَى مَالٍ أَوِ الصُّلْحَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَمَا يَمْلِكُ تَنْفِيذَ حُكْمِ الْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِل إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَكَانَ يُتْقِنُ التَّنْفِيذَ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، لِئَلاَّ يُفْتَاتَ عَلَيْهِ، فَلَوْ فَعَل وَقَعَ الْقِصَاصُ مَوْقِعَهُ وَاسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ. (٣)

_________

(١) سورة الذاريات / ٥٦.

(٢) سورة البقرة / ١٧٩.

(٣) راجع في هذه الأمثلة تيسير التحرير ٢ / ١٧٤ - ١٨٢.