الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -

بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ أَوِ الْوَضْعِ.

قَال فَخْرُ الإِْسْلاَمِ الْبَزْدَوِيُّ (١): أَمَّا الأَْحْكَامُ فَأَنْوَاعٌ: الأَْوَّل: حُقُوقُ اللَّهِ ﷿ خَالِصَةً. وَالثَّانِي: حُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةً. وَالثَّالِثُ: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبٌ. وَالرَّابِعُ: مَا اجْتَمَعَا مَعًا وَحَقُّ الْعَبْدِ فِيهِ غَالِبٌ.

ثُمَّ قَال عَلاَءُ الدِّينِ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْحِهِ: قَال أَبُو الْقَاسِمِ ﵀ فِي أُصُول الْفِقْهِ: الْحَقُّ: الْمَوْجُودُ مِنْ كُل وَجْهٍ الَّذِي لاَ رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَمِنْهُ: السِّحْرُ حَقٌّ، وَالْعَيْنُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ بِأَثَرِهِ، وَهَذَا الدِّينُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلِفُلاَنٍ حَقٌّ فِي ذِمَّةِ فُلاَنٍ، أَيْ شَيْءٌ مَوْجُودٌ مِنْ كُل وَجْهٍ.

وَقَال أَيْضًا: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ، فَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ. وَيُنْسَبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، أَوْ لِئَلاَّ يَخْتَصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، مِثْل: حُرْمَةِ الْبَيْتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَالَمِ، بِاِتِّخَاذِهِ قِبْلَةً لِصَلَوَاتِهِمْ، وَمَثَابَةً لَهُمْ. وَكَحُرْمَةِ الزِّنَى لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ عُمُومِ النَّفْعِ فِي سَلاَمَةِ الأَْنْسَابِ، وَصِيَانَةِ الْفِرَاشِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، لأَِنَّهُ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ حَقًّا لَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ، لأَِنَّ الْكُل سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ. بَل الإِْضَافَةُ

_________

(١) كشف الأسرار ٤ / ١٣٤، ١٣٥.