الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -

عِنْدَ النَّاسِ، وَرُبَّمَا دَعَا عَلَيْهِ أَوْ بَطَشَ بِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحَاسِدِ الَّذِي وَرَدَ الأَْمْرُ بِالاِسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ: فَقَال قَتَادَةَ: الْمُرَادُ شَرُّ عَيْنِهِ وَنَفْسِهِ. وَقَال آخَرُونَ: بَل أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَذِهِ الآْيَةِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ شَرِّ الْيَهُودِ الَّذِينَ حَسَدُوهُ، وَالأَْوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَال الطَّبَرِيُّ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُمِرَ بِأَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ شَرِّ كُل حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لأَِنَّ اللَّهَ ﷿ لَمْ يَخْصُصْ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ حَاسِدًا دُونَ حَاسِدٍ بَل عَمَّ أَمْرُهُ إِيَّاهُ بِالاِسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّ كُل حَاسِدٍ فَذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ (١) .

وَالْحَاسِدُ كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ عَدُوُّ نِعْمَةِ اللَّهِ.

قَال بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بَارَزَ الْحَاسِدُ رَبَّهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَبْغَضَ كُل نِعْمَةٍ ظَهَرَتْ عَلَى غَيْرِهِ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ سَاخِطٌ لِقِسْمَةِ رَبِّهِ كَأَنَّهُ يَقُول: لِمَ قَسَمْتَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ؟

ثَالِثُهَا: أَنَّهُ ضَادَّ فِعْل اللَّهِ، أَيْ إِنَّ فَضْل اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ يَبْخَل بِفَضْل اللَّهِ.

وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ خَذَل أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، أَوْ يُرِيدُ خِذْلاَنَهُمْ وَزَوَال النِّعْمَةِ عَنْهُمْ.

وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ أَعَانَ عَدُوَّهُ إِبْلِيسَ (٢) .

_________

(١) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٨ ط الثانية - الأميرية وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ٥٨٨ ط البهية.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٦ / ٩٧ ط المصرية، فيض القدير للمناوي ٣ / ١٢٥ ط التجارية، تحفة المريد على جوهرة التوحيد / ١٢٦ ط الأزهرية.