الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
فِيهَا الْخَمْرُ زَجْرًا، وَقَدْ فُعِل ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُول اللَّهِ ﷺ تَأْكِيدًا لِلزَّجْرِ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ، وَلَكِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الزَّجْرِ وَالْفِطَامِ شَدِيدَةً، فَإِذَا رَأَى الْوَالِي بِاجْتِهَادِهِ مِثْل الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ هَذَا مَنُوطًا بِنَوْعِ اجْتِهَادٍ دَقِيقٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لآِحَادِ الرَّعِيَّةِ (١) .
٥٠ - أَمَّا الشِّقُّ الآْخَرُ وَهُوَ الضَّمَانُ فِي تَلَفِ النُّفُوسِ بِسَبَبِ مَا يَقُومُ بِهِ الْمُحْتَسِبُ، فَإِنَّ لِلْفُقَهَاءِ أَقْوَالًا فِي ذَلِكَ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنَ التَّعْزِيرِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ، لأَِنَّهَا عُقُوبَةٌ مَشْرُوعَةٌ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، فَلَمْ يُضْمَنْ مَنْ تَلِفَ بِهَا كَالْحَدِّ، وَلأَِنَّهُ فَعَل مَا فَعَل بِأَمْرِ الشَّرْعِ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لاَ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ، وَلأَِنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِهِ، فَصَارَ كَأَنَّ اللَّهَ أَمَاتَهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ (٢) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ قَال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ: فَإِنْ عَزَّرَ الْحَاكِمُ أَحَدًا فَمَاتَ أَوْ سَرَى ذَلِكَ إِلَى النَّفْسِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَلِكَ تَحْمِل الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَفِي عُيُونِ الْمَجَالِسِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ إِذَا عَزَّرَ الإِْمَامُ إِنْسَانًا فَمَاتَ فِي
_________
(١) الإحياء ٢ / ٤٢٤.
(٢) شرح فتح القدير ٥ / ٢، ٣، حاشية رد المحتار ٤ / ٧٨ - ٧٩، المغني ٩ / ١٦٠، الأشباه والنظائر لابن نجيم ٢٨٩ كتاب الجنايات.