الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
الْحِسْبَةِ عَلَى كُل الْمُنْكَرَاتِ (١) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ ظَاهِرًا لِلْمُحْتَسِبِ بِغَيْرِ تَجَسُّسٍ:
٣٢ - التَّجَسُّسُ مَعْنَاهُ طَلَبُ الأَْمَارَاتِ الْمُعَرِّفَةِ (٢) فَالأَْمَارَةُ الْمُعَرِّفَةُ إِنْ حَصَلَتْ وَأَوْرَثَتِ الْمَعْرِفَةَ جَازَ الْعَمَل بِمُقْتَضَاهَا، أَمَّا طَلَبُهَا فَلاَ رُخْصَةَ فِيهِ، وَالْحِكْمَةُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ أَنَّنَا أُمِرْنَا أَنْ نُجْرِيَ أَحْكَامَ النَّاسِ عَلَى الظَّوَاهِرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْشَافٍ عَنِ الأُْمُورِ الْبَاطِنَةِ (٣) قَال عُمَرُ ﵁: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآْنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُ سَرِيرَتَهُ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَال إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ (٤) .
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَجَسَّسُوا﴾ خُذُوا مَا ظَهَرَ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ لاَ يَبْحَثْ أَحَدُكُمْ عَنْ عَيْبِ أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ (٥) فَلَيْسَ
_________
(١) الطرق الحكمية ص ٧٧.
(٢) الإحياء ٢ / ٤١٥.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٣٣٣.
(٤) أثر عمر بن الخطاب: أن أناسا كانوا يؤخذون. أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٢٥١ - ط السلفية) .
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٣٣٣.