الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حسبة - أركان الحسبة - الركن الثاني المحتسب فيه (ما تجري فيه الحسبة) - شروط المنكر - الشرط الثاني
وَلاَ يَقْتَصِرُ الإِْنْكَارُ عَلَى الْكَبِيرَةِ، بَل يَجِبُ النَّهْيُ عَنِ الصَّغَائِرِ أَيْضًا (١) .
الشَّرْطُ الثَّانِي
٢٩ - أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مَوْجُودًا فِي الْحَال بِأَنْ يَكُونَ الْفَاعِل مُسْتَمِرًّا عَلَى فِعْل الْمُنْكَرِ، فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ تَرْكُ الاِسْتِمْرَارِ عَلَى الْفِعْل لَمْ يَجُزْ إِنْكَارُ مَا وَقَعَ عَلَى الْفِعْل، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنِ الْحِسْبَةِ عَلَى مَنْ فَرَغَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَاحْتِرَازٌ عَمَّا سَيُوجَدُ، كَمَنْ يَعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْحَال أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الشُّرْبِ فِي لَيْلَةٍ فَلاَ حِسْبَةَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالْوَعْظِ، وَإِنْ أَنْكَرَ عَزْمَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَعْظُهُ أَيْضًا، فَإِنَّ فِيهِ إِسَاءَةَ ظَنٍّ بِالْمُسْلِمِ، وَرُبَّمَا صُدِّقَ فِي قَوْلِهِ، وَرُبَّمَا لاَ يُقْدِمُ عَلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لِعَائِقٍ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ حَالَتَانِ (٢):
الْحَالَةُ الأُْولَى: الإِْصْرَارُ عَلَى فِعْل الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ تَوْبَةٍ فَهَذَا يَجِبُ الإِْنْكَارُ عَلَيْهِ وَفِي رَفْعِهِ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ خِلاَفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ السَّتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ وَعَلَى سُقُوطِ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ وَعَدَمِهِ، أَمَّا عَنْ وُجُوبِ السَّتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ أَقَاوِيل نُوجِزُهَا فِي الآْتِي:
ذَهَبَ الأَْحْنَافُ إِلَى أَنَّ الشَّاهِدَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ (أَسْبَابُ الْحُدُودِ) مُخَيَّرٌ بَيْنَ حِسْبَتَيْنِ: بَيْنَ أَنْ
_________
(١) الإحياء ٢ / ٤١٤.
(٢) الآداب الشرعية ١ / ٢٩٢، غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ١ / ٢٢٦.