الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حسبة - أركان الحسبة - الركن الأول المحتسب - آداب المحتسب
وَالْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ، فَلاَ وَرَعَ حِينَئِذٍ فِي تَرْكِ تَنَاوُل الرِّزْقِ وَالأَْرْزَاقُ عَلَى الإِْمَامَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْوَرَعُ مِنْ جِهَةِ قِيَامِهِ بِالْوَظِيفَةِ خَاصَّةً، فَإِنَّ الأَْرْزَاقَ لاَ يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا إِلاَّ لِمَنْ قَامَ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الإِْمَامُ فِي إِطْلاَقِهِ لِتِلْكَ الأَْرْزَاقِ (١) .
آدَابُ الْمُحْتَسِبِ:
١٩ - الْمَقْصُودُ مِنَ الآْدَابِ الأَْخْذُ بِمَا يُحْمَدُ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَالتَّحَلِّي بِمَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَخْذُ نَفْسِهِ بِهَا حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ مَقْبُولًا، وَقَوْلُهُ مَسْمُوعًا، وَتُحَقِّقُ وِلاَيَتُهُ الْهَدَفَ مِنْهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ قَبُول الْهَدَايَا مِنْ أَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ وَالْمَهَرَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَسْلَمُ لِعِرْضِهِ وَأَقْوَمُ لِهَيْبَتِهِ، وَأَنْ يُلاَزِمَ الأَْسْوَاقَ، وَيَدُورَ عَلَى الْبَاعَةِ، وَيَكْشِفَ الدَّكَاكِينَ وَالطَّرَقَاتِ، وَيَتَفَقَّدَ الْمَوَازِينَ وَالأَْطْعِمَةَ، وَيَقِفَ عَلَى وَسَائِل الْغِشِّ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَعَلَى غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَيَسْتَعِينُ فِي عَمَلِهِ بِالأُْمَنَاءِ الْعَارِفِينَ الثِّقَاتِ، لِيَعْتَمِدَ عَلَى أَقْوَالِهِمْ وَيُبَالِغُ فِي الْكَشْفِ فِيهَا، وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْوَزِيرَ وَقَعَ إِلَى مُحْتَسِبٍ كَانَ فِي وَقْتِ وَزَارَتِهِ يُكْثِرُ الْجُلُوسَ فِي دَارِهِ بِبَغْدَادَ " الْحِسْبَةُ لاَ تَحْتَمِل الْحِجْبَةَ فَطُفِ الأَْسْوَاقَ تَحِل لَك الأَْرْزَاقُ، وَاَللَّهِ
_________
(١) الفروق ٣ / ٤، ٥.