الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حسبة - أركان الحسبة - الركن الأول المحتسب - شروط المحتسب - الشرط الخامس القدرة
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْقُدْرَةُ:
١٥ - قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَهِيَ أَصْلٌ وَتَكُونُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ، وَتَكُونُ فِي الْبَدَنِ إِنِ احْتَاجَ إِلَى النَّهْيِ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الضَّرْبَ، أَوِ الْقَتْل مِنْ تَغْيِيرِهِ، فَإِنْ رَجَا زَوَالَهُ جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ الاِقْتِحَامُ عِنْدَ هَذَا الْغَرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهِ. ثُمَّ قَال: إِنَّ النِّيَّةَ إِذَا خَلَصَتْ فَلْيَقْتَحِمْ كَيْفَمَا كَانَ وَلاَ يُبَالِي. وَعِنْدَهُ أَنَّ تَخْلِيصَ الآْدَمِيِّ أَوْجَبُ مِنْ تَخْلِيصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (١) .
وَلِلإِْمَامِ الْغَزَالِيِّ تَفْصِيلٌ فِيمَا تَسْقُطُ بِهِ الْحِسْبَةُ وُجُوبًا غَيْرِ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ، وَهُوَ أَنْ يَلْحَقَهُ مِنَ الاِحْتِسَابِ مَكْرُوهٌ، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّ احْتِسَابَهُ لاَ يُفِيدُ، وَعِنْدَهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ ضِدُّ الْمَطْلُوبِ، وَمَطَالِبُ الإِْنْسَانِ تَرْجِعُ إِلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: هِيَ الْعِلْمُ وَالصِّحَّةُ، وَالثَّرْوَةُ، وَالْجَاهُ، وَكُل وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الأَْرْبَعَةِ يَطْلُبُهَا الإِْنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَلأَِقَارِبِهِ الْمُخْتَصِّينَ بِهِ، وَالْمَكْرُوهُ مِنْ هَذِهِ الأَْرْبَعَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: زَوَال مَا هُوَ حَاصِلٌ مَوْجُودٌ.
وَالآْخَرُ امْتِنَاعُ مَا هُوَ مُنْتَظَرٌ مَفْقُودٌ، ثُمَّ يَسْتَطْرِدُ فِي بَيَانِ مَا يُعَدُّ مُؤَثِّرًا فِي إِسْقَاطِ الْحِسْبَةِ وَمَا لاَ يُعَدُّ مِنْهَا (٢) عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ
وَالْحَقُّ أَنَّ الاِسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ فِي الاِحْتِسَابِ،
_________
(١) أحكام القرآن ١ / ٢٦٦، ٢٦٧.
(٢) إحياء علوم الدين ٢ / ٤٠٧ - ٤١٢.