الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حسبة - مشروعية الحسبة
عَيْنٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ (١) وَيَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى أَدَائِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي يُسْتَدَامُ فِيهَا التَّحْرِيمُ حِسْبَةً. أَمَّا مَا لاَ يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالْحُدُودِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ (٢) قَال ﵊: مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (٣) .
وَقَدْ نَدَبَهُ الشَّارِعُ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ شَاءَ اخْتَارَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ فَأَقَامَهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ جِهَةَ السَّتْرِ فَيَسْتُرُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ.
فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَرْتَبَةً مِنْ مَرَاتِبِ الْحِسْبَةِ، وَوَسِيلَةً مِنْ وَسَائِل تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْحِسْبَةِ:
٦ - شُرِعَتِ الْحِسْبَةُ طَرِيقًا لِلإِْرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَالتَّوْجِيهِ إِلَى مَا فِيهِ الْخَيْرُ وَمَنْعُ الضَّرَرِ. وَقَدْ حَبَّبَ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ الْخَيْرَ وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَدْعُوا إِلَيْهِ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِمُ الْمُنْكَرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ
_________
(١) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٢) بدائع الصنائع ٩ / ٤٠٦١، درر الحكام شرح غرر الأحكام ٢ / ١٩٠، وحاشية رد المحتار ٤ / ٤٠٩، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٧٤، ١٧٥، ونهاية المحتاج ٨ / ٣١٥، والزواجر ٢ / ٢٧، والمغني لابن قدامة ١٠ / ٢١٥.
(٣) حديث: " من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة " أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٧٤ - ط الحلبي) .