الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -

عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْحَرِيمِ دَفْعُ الضَّرَرِ، كَيْ لاَ يَحْفِرَ بِحَرِيمِهِ أَحَدٌ بِئْرًا أُخْرَى فَيَتَحَوَّل إِلَيْهَا مَاءُ بِئْرِهِ، وَهَذَا الضَّرَرُ لاَ يَنْدَفِعُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كُل جَانِبٍ، فَإِنَّ الأَْرَاضِيَ تَخْتَلِفُ بِالصَّلاَبَةِ وَالرَّخَاوَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ يَحْتَاجُ أَنْ يَقِفَ عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ، وَإِلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ مَا يُرَكَّبُ عَلَيْهِ الْبَكَرَةُ، وَإِلَى أَنْ يَبْنِيَ حَوْضًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَإِلَى مَوْضِعٍ تَقِفُ فِيهِ مَوَاشِيهِ حَالَةَ الشُّرْبِ وَبَعْدَهُ، فَقَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا.

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ فِي بِئْرِ النَّاضِحِ - وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُنْزَعُ الْمَاءُ مِنْهَا بِالْبَعِيرِ - فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ، وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ حَرِيمَ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، لِقَوْلِهِ ﵊: حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا (١) وَلأَِنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أَنْ يُسَيِّرَ دَابَّتَهُ لِلاِسْتِسْقَاءِ، وَأَمَّا بِئْرُ الْعَطَنِ فَالاِسْتِسْقَاءُ مِنْهُ بِالْيَدِ، فَقَلَّتِ الْحَاجَةُ، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّفَاوُتِ.

_________

(١) حديث: " حريم العين خمسمائة ذراع، وحريم بئر العطن. . . " أورده الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٢٩٢ - ط المجلس العلمي) وقال: " غريب " وقد اصطلح في مقدمة كتابه أن قوله في الحديث " غريب " يعني به أنه لا أصل له.