الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لأَِهْل مَكَّةَ (١) وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يَحِل صَيْدُهَا وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا (٢) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَرَمٌ، وَلاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا. وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ بِحَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ بَقَاءَ زِينَتِهَا، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَهْدِمُوا الآْطَامَ فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ (٣) .
وَيَدُل عَلَى حِل صَيْدِهَا حَدِيثُ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، قَال أَحْسَبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ؟ (٤) وَنُغَيْرٌ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ طَائِرٌ صَغِيرٌ كَانَ يُلْعَبُ بِهِ (٥) .
_________
(١) حديث: " إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم. . . " أخرجه مسلم (٢ / ٩٩١ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(٢) الشرح الصغير ٢ / ١١١١، ومغني المحتاج ١ / ٥٢٩، والمغني لابن قدامة ٣ / ٣٥٣ - ٣٥٥.
(٣) حديث: " لا تهدموا الأطام فإنها زينة المدينة ". أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤ / ١٩٤ - ط مطبعة الأنوار المحمدية بمصر) . من حديث عبد الله بن عمر.
(٤) حديث: " يا أبا عمير، ما فعل النغير ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٢٦ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(٥) حاشية ابن عابدين ٢ / ٢٥٦.