الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حرم - أولا حرم مكة - مرض الكافر في الحرم وموته
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ دُخُول الْحَرَمِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَى إِذْنِ مُسْلِمٍ وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (١) .
يَقُول الْجَصَّاصُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (٢)﴾: يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ دُخُول سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الآْيَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ خَاصًّا فِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْ دُخُول مَكَّةَ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ، لأَِنَّهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ ذِمَّةٌ، وَكَانَ لاَ يُقْبَل مِنْهُمُ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ أَوِ السَّيْفُ وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ. أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْعُهُمْ مِنْ دُخُول مَكَّةَ لِلْحَجِّ، وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (٣)﴾ الآْيَةَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ خَشْيَةُ الْعَيْلَةِ لاِنْقِطَاعِ تِلْكَ الْمَوَاسِمِ بِمَنْعِهِمْ مِنَ الْحَجِّ، لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِالتِّجَارَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ (٤) .
مَرَضُ الْكَافِرِ فِي الْحَرَمِ وَمَوْتُهُ:
٨ - تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ لاَ يَجُوزُ لَهُ الدُّخُول إِلَى الْحَرَمِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. فَلَوْ دَخَل مَسْتُورًا وَمَرِضَ أُخْرِجَ إِلَى الْحِل. وَإِذَا مَاتَ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ دَفْنُهُ فِيهِ،
_________
(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٦٩، وتفسير الجصاص ٣ / ٨٨.
(٢) سورة التوبة / ٢٨.
(٣) سورة التوبة / ٢٨.
(٤) تفسير الأحكام للجصاص ٣ / ٨٨.