الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
الْعَقْل وَالسَّمْعِ أَيْضًا قَال تَعَالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا (١)﴾ فَالتَّخْيِيرُ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ الْقَاصِرَةِ بِمَا يَشْمَل جَزَاءَ الْجِنَايَةِ الْكَامِلَةِ، وَفِي الْجِنَايَةِ الْكَامِلَةِ بِمَا يَشْمَل جَزَاءَ الْجِنَايَةِ الْقَاصِرَةِ خِلاَفُ الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ.
يَزِيدُ هَذَا إِجْمَاعُ الأُْمَّةِ عَلَى أَنَّ قُطَّاعَ الطُّرُقِ إِذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَال، لاَ يَكُونُ جَزَاؤُهُمُ الْمَعْقُول النَّفْيَ وَحْدَهُ، وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الْعَمَل بِظَاهِرِ التَّخْيِيرِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّخْيِيرَ الْوَارِدَ فِي الأَْحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ بِحَرْفِ التَّخْيِيرِ إِنَّمَا يَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهِ إِذَا كَانَ سَبَبُ الْوُجُوبِ وَاحِدًا كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، أَمَّا إِذَا كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ التَّخْيِيرَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ الْغَرَضُ بَيَانَ الْحُكْمِ لِكُل وَاحِدٍ فِي نَفْسِهِ.
وَقَطْعُ الطَّرِيقِ مُتَنَوِّعٌ، وَبَيْنَ أَنْوَاعِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْجَرِيمَةِ، فَقَدْ يَكُونُ بِأَخْذِ الْمَال فَقَطْ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْقَتْل لاَ غَيْرُ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّخْوِيفِ فَحَسْبُ، فَكَانَ سَبَبُ الْعِقَابِ مُخْتَلِفًا. فَتُحْمَل الآْيَةُ عَلَى بَيَانِ حُكْمِ كُل نَوْعٍ فَيُقَتَّلُونَ وَيُصَلَّبُونَ إِنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَال، وَتُقَطَّعُ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ إِنْ أَخَذُوا الْمَال لاَ غَيْرُ، وَيُنْفَوْنَ مِنَ الأَْرْضِ، إِنْ أَخَافُوا الطَّرِيقَ، وَلَمْ يَقْتُلُوا نَفْسًا وَلَمْ
_________
(١) سورة الشورى / ٤٠.