الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -

وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِالإِْقْرَارِ لَمْ يُحْفَرْ لَهَا، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، قَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي. لِمَا رَوَى بُرَيْدَةُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: رَجَمَ امْرَأَةً فَحَفَرَ لَهَا (١) وَلأَِنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، وَلاَ حَاجَةَ إِلَى تَمْكِينِهَا مِنَ الْهَرَبِ لِكَوْنِ الْحَدِّ قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَلاَ يَسْقُطُ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهَا، بِخِلاَفِ الثَّابِتِ بِالإِْقْرَارِ، فَإِنَّهَا تُتْرَكُ عَلَى حَالٍ لَوْ أَرَادَتِ الْهَرَبَ تَمَكَّنَتْ مِنْهُ، لأَِنَّ رُجُوعَهَا عَنْ إِقْرَارِهَا مَقْبُولٌ.

وَأَمَّا الرَّجُل فَلاَ يُحْفَرُ لَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: يُحْفَرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ لَمْ يَحْفِرْ لِمَاعِزٍ، قَال أَبُو سَعِيدٍ ﵁: لَمَّا أَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِرَجْمِ مَاعِزٍ خَرَجْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَاَللَّهِ مَا حَفَرْنَا لَهُ وَلاَ أَوْثَقْنَاهُ، وَلَكِنْ قَامَ لَنَا (٢) . وَلأَِنَّ الْحَفْرَ لَهُ، وَدَفْنَ بَعْضِهِ عُقُوبَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ فِي حَقِّهِ، فَوَجَبَ أَنْ لاَ تَثْبُتَ (٣) .

_________

(١) حديث: " إن النبي ﷺ رجم امرأة فحفر لها. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٣٢٣ - الحلبي) من حديث بريدة.

(٢) حديث أبي سعيد: " لما أمر رسول الله ﷺ برجم ماعز. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٣٢٠ - ط الحلبي) والبيهقي (٨ / ٢٢١ - ط دائرة المعارف العثمانية) واللفظ للبيهقي.

(٣) ابن عابدين ٣ / ١٤٧، والبدائع ٧ / ٥٩، والدسوقي ٤ / ٣٢٠، والشرح الصغير ٤ / ٤٥٥، والقوانين الفقهية / ٣٤٨، ٣٤٩، والقليوبي ٤ / ١٨٣، وروضة الطالبين ١٠ / ٩٩، وكشاف القناع ٦ / ٨٤، والمغني ٨ / ١٥٩.