الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ (١)، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَبِهِ قَال ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ ﵄، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ.
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، فَيَقُولُونَ بِتَغْرِيبِ الرَّجُل دُونَ الْمَرْأَةِ، لأَِنَّ الْمَرْأَةَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى حِفْظٍ وَصِيَانَةٍ، فَلاَ يَجُوزُ تَغْرِيبُهَا إِلاَّ بِمَحْرَمٍ، وَهُوَ يُفْضِي إِلَى تَغْرِيبِ مَنْ لَيْسَ بِزَانٍ، وَنَفْيِ مَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ، وَلأَِنَّهَا عَوْرَةٌ، وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضُهَا لِلْفِتْنَةِ، وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ السَّفَرِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ التَّغْرِيبَ لَيْسَ وَاجِبًا، وَلَيْسَ حَدًّا كَالْجَلْدِ، وَإِنَّمَا هِيَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ إِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً، لأَِنَّ عَلِيًّا ﵁ قَال: حَسْبُهُمَا مِنَ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا.
وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ ﵁ غَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَحِقَ بِهِرَقْل فَتَنَصَّرَ، فَقَال عُمَرُ ﵁ لاَ أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَ هَذَا أَبَدًا، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْجَلْدِ دُونَ التَّغْرِيبِ،
_________
(١) حديث: " البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ". أخرجه مسلم (٣ / ١٣١٦ - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.