الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حدود - أثر التوبة على الحدود
الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ بَعْدَ وُصُولِهَا لِلْحَاكِمِ، وَالثُّبُوتِ عِنْدَهُ، لأَِنَّهُ طَلَبُ تَرْكِ الْوَاجِبِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَنْكَرَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حِينَ شَفَعَ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَال: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (١) . وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي خَلْقِهِ (٢) .
وَأَمَّا قَبْل الْوُصُول إِلَيْهِ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَ الرَّافِعِ لَهُ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُطْلِقَهُ، لأَِنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ قَبْل ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ. فَالْوُجُوبُ لاَ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْل.
وَقَال مَالِكٌ: إِنْ عُرِفَ بِشَرٍّ وَفَسَادٍ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ أَحَدٌ، وَلَكِنْ يُتْرَكُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (٣) .
أَثَرُ التَّوْبَةِ عَلَى الْحُدُودِ:
١٢ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ حَدَّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالرِّدَّةِ يَسْقُطَانِ بِالتَّوْبَةِ إِذَا تَحَقَّقَتْ تَوْبَةُ
_________
(١) حديث: " أتشفع في حد من حدود الله " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٨٧ - ط السلفية) من حديث عائشة.
(٢) أثر ابن عمر: " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله " أخرجه ابن أبي شيبة (٩ / ٤٦٦ - ط الدر السلفية - بمبى) .
(٣) ابن عابدين ٣ / ١٤٠، والطحطاوي ٢ / ٣٨٨، والشرح الصغير ٤ / ٤٨٩، والقوانين الفقهية ٣٤٩، ٣٥٤، ومواهب الجليل ٦ / ٣٢٠، وروضة الطالبين ١٠ / ٩٥، والمغني ٨ / ٢٨١، ٢٨٢.