الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حجر - تقسيم الحجر بحسب المصلحة - الحجر على ذي الغفلة

الْحَجْرُ عَلَى ذِي الْغَفْلَةِ:

١٥ - ذُو الْغَفْلَةِ هُوَ مَنْ يُغْبَنُ فِي الْبُيُوعِ لِسَلاَمَةِ قَلْبِهِ وَلاَ يَهْتَدِي إِلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ.

وَيَخْتَلِفُ عَنِ السَّفِيهِ بِأَنَّ السَّفِيهَ مُفْسِدٌ لِمَالِهِ وَمُتَابِعٌ لِهَوَاهُ، أَمَّا ذُو الْغَفْلَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ لِمَالِهِ وَلاَ يَقْصِدُ الْفَسَادَ.

وَلَمْ نَجِدْ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَا الْغَفْلَةِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ سِوَى الصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ أَدْرَجَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْوَصْفَ فِي السَّفَهِ وَالتَّبْذِيرِ.

فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى ذِي الْغَفْلَةِ كَالسَّفِيهِ أَيْ: مِنْ حِينِ قَضَاءِ الْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمِنْ حِينِ ظُهُورِ أَمَارَاتِ الْغَفْلَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى هَذَا فَيَزُول الْحَجْرُ عَنْهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَبِزَوَال الْغَفْلَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ،

وَقَدْ شُرِعَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ صِيَانَةً لِمَالِهِ وَنَظَرًا لَهُ، فَقَدْ طَلَبَ أَهْل حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ، فَأَقَرَّهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْحَجْرُ مَشْرُوعًا عَلَى ذِي الْغَفْلَةِ لأَنْكَرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ طَلَبَهُمْ. وَذَلِكَ فِيمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَأَتَى أَهْلُهُ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: احْجُرْ عَلَى فُلاَنٍ، فَإِنَّهُ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ ﷺ فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي لاَ أَصْبِرُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَال