الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَال ﷺ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ . . اقْضُوا اللَّهَ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ (١) .

وَأَمَّا الْعَقْل، فَقَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: وَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ لاَ تَجْرِيَ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ، لِتَضَمُّنِهِ الْمَشَقَّتَيْنِ الْبَدَنِيَّةَ وَالْمَالِيَّةَ، وَالأُْولَى لَمْ تَقُمْ بِالآْمِرِ، لَكِنَّهُ تَعَالَى رَخَّصَ فِي إِسْقَاطِهِ بِتَحَمُّل الْمَشَقَّةِ الأُْخْرَى، أَعْنِي إِخْرَاجَ الْمَال عِنْدَ الْعَجْزِ الْمُسْتَمِرِّ إِلَى الْمَوْتِ، رَحْمَةً وَفَضْلًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ نَفَقَةَ الْحَجِّ إِلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، بِخِلاَفِ حَال الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْذُرْهُ لأَِنَّ تَرْكَهُ لَيْسَ إِلاَّ لِمُجَرَّدِ إِيثَارِ رَاحَةِ نَفْسِهِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ، وَهُوَ بِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ، لاَ التَّخْفِيفَ فِي طَرِيقِ الإِْسْقَاطِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ دَوَامَهُ (أَيِ الْعُذْرِ) إِلَى الْمَوْتِ لأَِنَّ الْحَجَّ فَرْضُ الْعُمُرِ (٢) . . . "

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَذِهِ عِبَادَةٌ تَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ، فَجَازَ أَنْ يَقُومَ غَيْرُ فِعْلِهِ فِيهَا مَقَامَ فِعْلِهِ، كَالصَّوْمِ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ افْتَدَى بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ (٣) ".

_________

(١) حديث ابن عباس: أن امرأة من جهينة. . . أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٦٤ - ط السلفية) .

(٢) فتح القدير ٢ / ٣١٠.

(٣) المغني ٣ / ٢٢٨.