الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
الرُّكُوبِ بِنَفْسِهِ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ فَرِيضَةً اتِّفَاقًا.
لَكِنِ اخْتَلَفُوا هَل صِحَّةُ الْبَدَنِ شَرْطٌ لأَِصْل الْوُجُوبِ، أَوْ هِيَ شَرْطٌ لِلأَْدَاءِ بِالنَّفْسِ: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ صِحَّةَ الْبَدَنِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ، بَل هِيَ شَرْطٌ لِلِزُومِ الأَْدَاءِ بِالنَّفْسِ، فَمَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، بِإِرْسَال مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ (١) .
وَقَال الإِْمَامَانِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: إِنَّهَا شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لاَ يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ صِحَّةِ الْبَدَنِ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ وَلاَ بِإِنَابَةِ غَيْرِهِ، وَلاَ الإِْيصَاءُ بِالْحَجِّ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ (٢) .
اسْتَدَل الأَْوَّلُونَ: بِأَنَّهُ ﷺ فَسَّرَ الاِسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَهَذَا لَهُ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ.
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ بِنَفْسِهِ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ.
٢٠ - وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِل، نَذْكُرُ مِنْهَا:
أ - مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحَجِّ بِمُسَاعَدَةِ غَيْرِهِ كَالأَْعْمَى، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ إِذَا تَيَسَّرَ لَهُ مَنْ يُعِينُهُ، تَبَرُّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ، إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى
_________
(١) نهاية المحتاج ٢ / ٣٨٥، وانظر الكافي لابن قدامة ١ / ٢١٤.
(٢) فتح القدير ٢ / ١٢٥، وشرح الرسالة بحاشية العدوي ١ / ٤٥٦، ومختصر خليل ومواهب الجليل ٢ / ٤٩٨ و٤٩٩ والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٢ / ٦.