الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ -
وَمَدَى امْتِثَالِهِ لأَِمْرِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ لَهَا فَوَائِدُ تُدْرِكُهَا الْعُقُول الصَّحِيحَةُ وَأَظْهَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي فَرِيضَةِ الْحَجِّ.
وَتَشْتَمِل هَذِهِ الْفَرِيضَةُ عَلَى حِكَمٍ جَلِيلَةٍ كَثِيرَةٍ تَمْتَدُّ فِي ثَنَايَا حَيَاةِ الْمُؤْمِنَ الرُّوحِيَّةِ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعِهِمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، مِنْهَا:
أ - أَنَّ فِي الْحَجِّ إِظْهَارَ التَّذَلُّل لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَاجَّ يَرْفُضُ أَسْبَابَ التَّرَفِ وَالتَّزَيُّنِ، وَيَلْبَسُ ثِيَابَ الإِْحْرَامِ مُظْهِرًا فَقْرَهُ لِرَبِّهِ، وَيَتَجَرَّدُ عَنِ الدُّنْيَا وَشَوَاغِلِهَا الَّتِي تَصْرِفُهُ عَنِ الْخُلُوصِ لِمَوْلاَهُ، فَيَتَعَرَّضُ بِذَلِكَ لِمَغْفِرَتِهِ وَرُحْمَاهُ، ثُمَّ يَقِفُ فِي عَرَفَةَ ضَارِعًا لِرَبِّهِ حَامِدًا شَاكِرًا نَعْمَاءَهُ وَفَضْلَهُ، وَمُسْتَغْفِرًا لِذُنُوبِهِ وَعَثَرَاتِهِ، وَفِي الطَّوَافِ حَوْل الْكَعْبَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ يَلُوذُ بِجَنَابِ رَبِّهِ وَيَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمِنْ هَوَى نَفْسِهِ، وَوِسْوَاسِ الشَّيْطَانِ.
ب - أَنَّ أَدَاءَ فَرِيضَةِ الْحَجِّ يُؤَدِّي شُكْرَ نِعْمَةِ الْمَال، وَسَلاَمَةِ الْبَدَنِ، وَهُمَا أَعْظَمُ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ الإِْنْسَانُ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا، فَفِي الْحَجِّ شُكْرُ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، حَيْثُ يُجْهِدُ الإِْنْسَانُ نَفْسَهُ " وَيُنْفِقُ مَالَهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ شُكْرَ النَّعْمَاءِ وَاجِبٌ تُقَرِّرُهُ بَدَاهَةُ الْعُقُول، وَتَفْرِضُهُ شَرِيعَةُ الدِّينِ.
ج - يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَقْطَارِ الأَْرْضِ فِي