الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٧ - حرف الحاء - حجامة - تأثير الحجامة على الصوم
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنَ الدَّمِ مُوجِبٌ لِلْوُضُوءِ إِذَا كَانَ فَاحِشًا. وَفِي حَدِّ الْفَاحِشِ عِنْدَهُمْ خِلاَفٌ: فَقِيل: الْفَاحِشُ مَا وَجَدَهُ الإِْنْسَانُ فَاحِشًا كَثِيرًا. قَال ابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَفْحُشُ فِي نُفُوسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ لاَ الْمُتَبَذِّلِينَ وَلاَ الْمُوَسْوَسِينَ. وَقِيل: هُوَ مِقْدَارُ الْكَفِّ. وَقِيل: عَشَرَةُ أَصَابِعٍ (١) .
تَأْثِيرُ الْحِجَامَةِ عَلَى الصَّوْمِ:
٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ جَائِزَةٌ لِلصَّائِمِ إِذَا كَانَتْ لاَ تُضْعِفُهُ، وَمَكْرُوهَةٌ إِذَا أَثَّرَتْ فِيهِ وَأَضْعَفَتْهُ، يَقُول ابْنُ نُجَيْمٍ: الاِحْتِجَامُ غَيْرُ مَنَافٍ لِلصَّوْمِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلصَّائِمِ. إِذَا كَانَ يُضْعِفُهُ عَنِ الصَّوْمِ، أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يُضْعِفُهُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُحْتَجِمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفَ الْبَدَنِ لِمَرَضٍ أَوْ خِلْقَةٍ. وَفِي كُلٍّ إِمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الاِحْتِجَامَ لاَ يَضُرُّهُ، أَوْ يَشُكُّ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِنِ احْتَجَمَ لاَ يَقْوَى عَلَى مُوَاصَلَةِ الصَّوْمِ.
فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لاَ يَتَضَرَّرُ بِالْحِجَامَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ. وَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَيَعْجِزُ عَنْ مُوَاصَلَةِ الصَّوْمِ إِذَا هُوَ احْتَجَمَ حَرُمَ عَلَيْهِ. إِلاَّ إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ هَلاَكًا أَوْ شَدِيدَ
_________
(١) المغني ١ / ١٨٤، نشر مكتبة الرياض الحديثة.