الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
حَبْسُهُ غَيْرَ وَاجِبٍ لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ، وَلَمَا تَبَرَّأَ مِنْ عَمَلِهِمْ، وَقَدْ سَكَتَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْل عُمَرَ فَكَانَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا. ثُمَّ إِنَّ اسْتِصْلاَحَ الْمُرْتَدِّ مُمْكِنٌ بِحَبْسِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ فَلاَ يَجُوزُ إِتْلاَفُهُ قَبْل ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ هَذَا فَعَل عَلِيٌّ ﵁ (١) .
الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّ حَبْسَ الْمُرْتَدِّ لاِسْتِتَابَتِهِ قَبْل قَتْلِهِ مُسْتَحَبٌّ لاَ وَاجِبٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَنْقُول عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَطَاوُسٍ، وَبِهِ قَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِحَدِيثِ: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (٢) وَلأَِنَّهُ يَعْرِفُ أَحْكَامَ الإِْسْلاَمِ، وَقَدْ جَاءَتْ رِدَّتُهُ عَنْ تَصْمِيمٍ وَقَصْدٍ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ يَجِبُ حَبْسُهُ لاِسْتِتَابَتِهِ بَل يُسْتَحَبُّ طَمَعًا فِي رُجُوعِهِ الْمَوْهُومِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ بَعَثَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبِرُهُ بِفَتْحِ تُسْتَرَ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ قَوْمٍ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: مَا أَخْبَارُهُمْ؟ فَقَال
_________
(١) الخرشي ٨ / ٦٥، وأسنى المطالب ٤ / ١٢٢، والإنصاف ١٠ / ٣٢٨، والمغني لابن قدامة ٨ / ١٢٤ - ١٢٥، وفتح الباري ١٢ / ٢٦٩، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٥٦، وخبر عمر أخرجه مالك في الموطأ كما في جامع الأصول ٣ / ٤٨٠، وأبو يوسف في والخراج ص ١٩٥، والبيهقي ٨ / ٢٠٧، والشافعي كما في نيل الأوطار ٨ / ٢، وعبد الرزاق في مصنفه ١٠ / ١٦٥، وفيه أيضا ١٠ / ١٦٤ قصة مماثلة وقعت مع عثمان ﵁.
(٢) حديث: " من بدل دينه فاقتلوه " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٢٦٧ - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.