الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ - حرف الحاء - حبس - مشروعية الحبس
فِيهِ إِيذَاءُ أَهْلِهَا، وَهُوَ لَيْسَ نَفْيًا مِنَ الأَْرْضِ بَل مِنْ بَعْضِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: ﴿مِنَ الأَْرْضِ﴾ (١) فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْحَبْسُ؛ لأَِنَّ الْمَحْبُوسَ فِي حَقِيقَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْرَجِ مِنَ الدُّنْيَا.
وَقَدْ أُنْشِدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى:
خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِهَا
فَلَسْنَا مِنَ الأَْمْوَاتِ فِيهَا وَلاَ الأَْحْيَا
إِذَا جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ
عَجِبْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنَ الدُّنْيَا
وَبِهَذَا عَمِل عُمَرُ ﵁ حِينَ حَبَسَ رَجُلًا وَقَال: أَحْبِسُهُ حَتَّى أَعْلَمَ مِنْهُ التَّوْبَةَ وَلاَ أَنْفِيهِ إِلَى بَلَدٍ يُؤْذِيهِمْ. (٢)
مَشْرُوعِيَّةُ الْحَبْسِ:
٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَبْسِ لِلنُّصُوصِ وَالْوَقَائِعِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِل عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَسْجُنْ أَحَدًا. (٣) وَاسْتَدَل الْمُثْبِتُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
_________
(١) سور المائدة / ٣٣.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٤١٢، والمبسوط للسرخسي ٢٠ / ٨٨، ومناهج الطالبين للنووي بهامش حاشية القليوبي ٤ / ٢٠٠، والإنصاف للمرداوي ١٠ / ٢٩٨، والبحر الزخار للمرتضي ٥ / ١٩٩، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٥٩٨، وروح المعاني للألوسي ٦ / ١٢٠، وتفسير القرطبي ٦ / ١٥٣.
(٣) أقضية رسول الله ﷺ لابن فرج ص ١١، وتبصرة الحكام لابن فرحون ٢ / ٢١٦.