الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ وَهُوَ حَاقِنٌ أَوْ حَاقِبٌ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ حُضُورَ الْقَلْبِ وَاسْتِيفَاءَ الرَّأْيِ وَيَشْغَل الْفِكْرَ الْمُوَصِّل إِلَى إِصَابَةِ الْحَقِّ غَالِبًا وَلأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْغَضَبِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ (١) .
وَلَكِنْ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَهُوَ حَاقِنٌ أَوْ حَاقِبٌ. فَإِنْ خَالَفَ وَحَكَمَ فَأَصَابَ الْحَقَّ نَفَذَ حُكْمُهُ. (٢)
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْحَنَابِلَةِ: لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لأَِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. (٣)
وَجَرَى مِثْل هَذَا الْخِلاَفِ بَيْنَ الْحَنَابِلَةِ فِي إِفْتَاءِ الْحَاقِنِ وَالْحَاقِبِ.
_________
(١) حديث: " لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان " أخرجه البخاري (الفتح ١٣ / ١٣٦ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٤٣ - ط الحلبي) من حديث أبي بكرة واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري: " لا يقضين حكم ".
(٢) تحفة المحتاج ١٠ / ١٣٥، ومغني المحتاج ٤ / ٣٩١، والمغني لابن قدامة ٩ / ٤٩، وكشف المخدرات ص ٥٠٩، والإنصاف ١١ / ٢٠٩.
(٣) الإنصاف ١١ / ٢٠٩، ومطالب أولي النهى ٦ / ٤٧٩.