الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
الْمَعْرُوفِ لِلْعِبَادِ، وَمَتَى خَرَجَ عَنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ امْتَنَعَ، إِمَّا لِتَحْصِيل مَنْفَعَةِ الْمُقْرِضِ، أَوْ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالسَّلَفِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَعْرُوفِ مَعَ تَعَيُّنِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ مُخَالَفَةُ الْقَوَاعِدِ. (١)
وَالْمَقْصُودُ بِشَرْعِيَّةِ الزَّكَاةِ رَفْعُ رَذِيلَةِ الشُّحِّ وَتَحْقِيقُ مَصْلَحَةِ إِرْفَاقِ الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ وَهَبَ فِي آخِرِ الْحَوْل مَالَهُ هَرَبًا مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي حَوْلٍ آخَرَ أَوْ قَبْل ذَلِكَ اسْتَوْهَبَهُ، فَهَذَا الْعَمَل تَقْوِيَةٌ لِوَصْفِ الشُّحِّ وَإِمْدَادٌ لَهُ وَرَفْعٌ لِمَصْلَحَةِ إِرْفَاقِ الْمَسَاكِينِ، فَصُورَةُ هَذِهِ الْهِبَةِ لَيْسَتْ هِيَ الْهِبَةُ الَّتِي نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ إِرْفَاقٌ وَإِحْسَانٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَتَوْسِيعٌ عَلَيْهِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَهَذِهِ الْهِبَةُ تُنَافِي قَصْدَ الشَّارِعِ فِي رَفْعِ الشُّحِّ عَنِ النُّفُوسِ، وَالإِْحْسَانِ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ، وَالْقَصْدُ غَيْرُ الشَّرْعِيِّ هَادِمٌ لِلْقَصْدِ الشَّرْعِيِّ. (٢)
كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَيَّل الإِْنْسَانُ لإِيجَادِ سَبَبٍ يَتَرَخَّصُ بِمُقْتَضَاهُ، كَمَنْ أَنْشَأَ سَفَرًا لِيَقْصُرَ الصَّلاَةَ أَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا فِي رَمَضَانَ لِيَأْكُل فِي النَّهَارِ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِهِ فَوَهَبَهُ كَيْ لاَ يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَكَالْهُرُوبِ مِنَ الزَّكَاةِ بِجَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ أَوْ تَفْرِيقِ الْمُتَجَمِّعِ، وَكَالزَّوْجَةِ الَّتِي تُرْضِعُ جَارِيَةَ الزَّوْجِ أَوِ الضَّرَّةِ لِتَحْرُمَ عَلَيْهِ،
_________
(١) الفروق ٤ / ٢، وهامش الفروق ٤ / ٤.
(٢) الموافقات ٢ / ٣٨٥ - ٣٨٦.