الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
لَفْظُ الْكُفْرِ إِلاَّ أَنَّهُ أَتَى بِهِ عَنِ اخْتِيَارٍ فَيَكْفُرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلاَ يُعْذَرُ بِالْجَهْل. وَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَكْفُرُ، وَالْجَهْل عُذْرٌ، وَبِهِ يُفْتَى؛ لأَِنَّ الْمُفْتِيَ مَأْمُورٌ أَنْ يَمِيل إِلَى الْقَوْل الَّذِي لاَ يُوجِبُ التَّكْفِيرَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْجَهْل عُذْرًا لَحُكِمَ عَلَى الْجُهَّال أَنَّهُمْ كُفَّارٌ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَلْفَاظَ الْكُفْرِ، وَلَوْ عَرَفُوا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، قَال بَعْضُ الْفُضَلاَءِ: وَهُوَ حَسَنٌ لَطِيفٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً فِي زَمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قِيل لَهَا: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَتْ: لاَ يَفْعَل اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ عِبَادُهُ، فَسُئِل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: مَا كَفَرَتْ فَإِنَّهَا جَاهِلَةٌ، فَعَلَّمُوهَا حَتَّى عَلِمَتْ (١) .
وَقَال فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: يَكْفُرُ مَنْ نَسَبَ الأُْمَّةَ إِلَى الضَّلاَل، أَوْ الصَّحَابَةَ إِلَى الْكُفْرِ، أَوْ أَنْكَرَ إِعْجَازَ الْقُرْآنِ أَوْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ أَنْكَرَ الدَّلاَلَةَ عَلَى اللَّهِ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ بِأَنْ قَال: لَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا دَلاَلَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى، أَوْ أَنْكَرَ بَعْثَ اللَّهِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ بِأَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُمُ الأَْصْلِيَّةَ وَيُعِيدَ الأَْرْوَاحَ إِلَيْهَا، أَوْ أَنْكَرَ الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ، أَوِ الْحِسَابَ أَوِ الثَّوَابَ أَوِ الْعِقَابَ أَوْ أَقَرَّ بِهَا لَكِنْ قَال: الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ مَعَانِيهَا، أَوْ قَال: إِنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ وَأَكَلْتُ مِنْ ثِمَارِهَا وَعَانَقْتُ حُورَهَا،
_________
(١) الحموي على الأشباه ٢ / ١٣٩.