الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ - حرف الجيم - جهل - الجهل بالتحريم مسقط للإثم والحكم في الظاهر
الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ مُسْقِطٌ لِلإِْثْمِ وَالْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ:
٧ - الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ مُسْقِطٌ لِلإِْثْمِ وَالْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ لِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلاَمِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَجَهِل الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ لَمْ يُعْذَرْ.
وَلِهَذَا لَوْ جَهِل تَحْرِيمَ الْكَلاَمِ فِي الصَّلاَةِ عُذِرَ، وَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِل الإِْبْطَال بَطَلَتْ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ جِنْسَ الْكَلاَمِ يَحْرُمُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ مُحَرَّمٌ فَمَعْذُورٌ فِي الأَْصَحِّ. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا تَنْبِيهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا لاَ يَخْتَصُّ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، بَل يَجْرِي فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ، فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَل رَجُلًا وَادَّعَى الْجَهْل بِتَحْرِيمِ الْقَتْل وَكَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي إِسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ (الْقَاضِي) نَظَرٌ قَوِيٌّ.
الثَّانِي: أَنَّ إِعْذَارَ الْجَاهِل مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ لاَ مِنْ حَيْثُ جَهْلُهُ.
وَلِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ: لَوْ عُذِرَ الْجَاهِل لأَِجْل جَهْلِهِ لَكَانَ الْجَهْل خَيْرًا مِنَ الْعِلْمِ، إِذْ كَانَ يَحُطُّ عَنِ الْعَبْدِ أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ، وَيُرِيحُ قَلْبَهُ مِنْ ضُرُوبِ التَّعْنِيفِ، فَلاَ حُجَّةَ لِلْعَبْدِ فِي جَهْلِهِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالتَّمْكِينِ (١)؛ ﴿لِئَلاَّ يَكُونَ
_________
(١) المنثور ٢ / ١٥ - ١٧.