الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ شَهِدَا بِقَتْلٍ ثُمَّ رَجَعَا وَقَالاَ تَعَمَّدْنَا، لَكِنْ مَا عَرَفْنَا أَنَّهُ يُقْتَل بِشَهَادَتِنَا فَلاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الأَْصَحِّ، إِذْ لَمْ يَظْهَرْ تَعَمُّدُهُمَا لِلْقَتْل؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامِّ.
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَعْنِي الَّذِي يُقْبَل فِيهِ دَعْوَى الْجَهْل مُطْلَقًا لِخَفَائِهِ كَوْنُ التَّنَحْنُحِ مُبْطِلًا لِلصَّلاَةِ، أَوْ كَوْنُ الْقَدْرِ الَّذِي أَتَى بِهِ مِنَ الْكَلاَمِ مُحَرَّمًا، أَوِ النَّوْعِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ مُفْطِرًا، فَالأَْصَحُّ فِي الصُّوَرِ الثَّلاَثِ عَدَمُ الْبُطْلاَنِ.
وَلاَ تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل فِي الأُْمُورِ الْمُشْتَهِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ كَثُبُوتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ رَجُلٍ قَدِيمِ الإِْسْلاَمِ، بِخِلاَفِ مَا لاَ يَعْرِفُهُ إِلاَّ الْخَوَاصُّ (١) .
٦ - هَذَا وَيَعْقِدُ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بَابًا لِعَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ، وَيَجْعَلُونَ الْجَهْل مِنَ الْعَوَارِضِ الْمُكْتَسَبَةِ، وَقَدْ قَسَّمَ صَاحِبُ مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ الْجَهْل إِلَى أَنْوَاعٍ هِيَ:
الأَْوَّل: الْجَهْل الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُكَابَرَةِ الْعَقْل وَتَرْكِ الْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ وَهُوَ جَهْل الْكَافِرِ، لاَ يَكُونُ عُذْرًا بِحَالٍ، بَل يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ.
الثَّانِي: الْجَهْل الَّذِي يَكُونُ عَنْ مُكَابَرَةِ الْعَقْل وَتَرْكِ الْحُجَّةِ الْجَلِيَّةِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْمُكَابَرَةَ فِيهِ أَقَل مِنْهَا فِي الأَْوَّل؛ لِكَوْنِ هَذَا الْجَهْل نَاشِئًا عَنْ
_________
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٠٠ - ٢٠١.