الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ - حرف الجيم - جهاد - محرمات الجهاد ومكروهاته - الفرار من الزحف
وَلأَِنَّهُ إِفْسَادٌ فَيَدْخُل فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْل وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ (١)﴾ .
وَلأَِنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو رُوحٍ، فَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ لِغَيْظِ الْمُشْرِكِينَ.
وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ إِبَاحَتُهُ؛ لأَِنَّ فِيهِ غَيْظًا لَهُمْ، وَإِضْعَافًا فَأَشْبَهَ قَتْل بَهَائِمِهِمْ حَال قِتَالِهِمْ (٢) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فِيهِ، فَقَالُوا: إِنْ قَصَدَ بِإِتْلاَفِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا كَانَ إِتْلاَفُهَا جَائِزًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ عَسَلِهَا، فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ إِتْلاَفُهَا، وَإِنْ كَثُرَ فَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لاَ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي حَال الْكَثْرَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ النِّكَايَةِ لَهُمْ (٣) .
ح - الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ:
٣٧ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يَجِبُ الثَّبَاتُ فِي الْجِهَادِ، وَيَحْرُمُ الْفِرَارُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبَارَ (٤)﴾ وَقَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً
_________
(١) سورة البقرة / ٢٠٥.
(٢) ابن عابدين ٣ / ٢٢٣.
(٣) حاشية الدسوقي ٢ / ١٨١.
(٤) سورة الأنفال / ١٥.