الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل لِلْفَرْعِ أَنْ يَبْدَأَ بِقَتْل أَصْلِهِ الْمُشْرِكِ، بَل يَشْغَلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (١)﴾، وَلأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْيَاؤُهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ فَيُنَاقِضُهُ الإِْطْلاَقُ فِي إِفْنَائِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُل بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اقْتِحَامِهِ الْمَأْثَمَ. وَأَمَّا إِنْ قَصَدَ الأَْبُ قَتْلَهُ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُهُ دَفْعَهُ إِلاَّ بِقَتْلِهِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَهُ الدَّفْعُ وَهُوَ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلأَِنَّهُ لَوْ شَهَرَ الأَْبُ الْمُسْلِمُ سَيْفَهُ عَلَى ابْنِهِ، وَلاَ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إِلاَّ بِقَتْلِهِ، يَقْتُلُهُ، فَهَذَا أَوْلَى (٢) .

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا لِغَازٍ أَنْ يَقْتُل قَرِيبَهُ؛ لأَِنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ، وَقَتْل قَرِيبٍ مَحْرَمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً؛ لأَِنَّهُ ﷺ مَنَعَ أَبَا بَكْرٍ مِنْ قَتْل ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ أُحُدٍ. إِلاَّ أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ يَذْكُرَهُ أَوْ يَذْكُرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَوْ نَبِيًّا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ بِسُوءٍ (٣)، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَهُ مِنْهُ فَلاَ كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ فِي قَتْلِهِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ أَنْبِيَائِهِ، وَإِلَيْهِ مَال الْحَنَفِيَّةُ

_________

(١) سورة لقمان / ١٥.

(٢) البدائع ٧ / ١٠١، وفتح القدير ٥ / ٢٠٣، وابن عابدين ٣ / ٢٢٥.

(٣) حديث: " منع أبا بكر من قتل ابنه عبد الرحمن " أخرجه البيهقي في السنن (٨ / ١٨٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي الزناد وأعله ابن حجر في التلخيص (٤ / ١٠١ - ط شركة الطباعة الفنية) يضعف الواقدي روايه.