الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ - حرف الجيم - جهاد - الدعوة قبل القتال
الدَّعْوَةُ قَبْل الْقِتَال
٢٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا دَخَل الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعَوُا الْكُفَّارَ إِلَى الإِْسْلاَمِ؛ لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ مَا قَاتَل النَّبِيُّ ﷺ قَوْمًا حَتَّى دَعَاهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ لِحُصُول الْمَقْصُودِ، وَقَدْ قَال ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (١) .
وَإِنِ امْتَنَعُوا دَعَوْهُمْ إِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ تُقْبَل مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَأَمَّا مَنْ لاَ تُقْبَل مِنْهُ كَالْمُرْتَدِّينَ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ فَلاَ فَائِدَةَ فِي دَعْوَتِهِمْ إِلَى قَبُول الْجِزْيَةِ. وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الرِّسَالَةُ لِقَطْعِ حُجَّتِهِمْ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُمُ الإِْسْلاَمُ قَبْل الْعِلْمِ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾، وَلاَ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ عَلَى مَا لاَ يَلْزَمُهُمْ، وَلِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَال: إِذَا لَقِيتَ
_________
(١) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٧٥ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٥٣ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.