الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ -
وَالْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لاَ يُتْرَكَ الْجِهَادُ كُل سَنَةٍ مَرَّةً عَلَى الأَْقَل (١) . وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُوَجِّهَ الإِْمَامُ كُل سَنَةٍ طَائِفَةً، وَيَزُجَّ بِنَفْسِهِ مَعَهَا أَوْ يُخْرِجَ بَدَلَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ؛ لِيَدْعُوَ الْكُفَّارَ لِلإِْسْلاَمِ، وَيُرَغِّبَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يُقَاتِلَهُمْ إِذَا أَبَوْا؛ لأَِنَّ فِي تَعْطِيلِهِ أَكْثَر مِنْ سَنَةٍ مَا يُطَمِّعُ الْعَدُوَّ فِي الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ فِي السَّنَةِ إِلَى أَكْثَر مِنْ مَرَّةٍ وَجَبَ؛ لأَِنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَوَجَبَ مِنْهُ مَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى تَأْخِيرِهِ لِضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ قِلَّةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي قِتَالِهِمْ مِنَ الْعُدَّةِ، أَوِ الْمَدَدِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهِ، أَوْ يَكُونُ الطَّرِيقُ إِلَيْهِمْ فِيهَا مَانِعٌ، أَوْ لَيْسَ هُنَا مُؤَنٌ، أَوْ لِلطَّمَعِ فِي إِسْلاَمِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَْعْذَارِ، جَازَ تَأْخِيرُهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَالَحَ قُرَيْشًا عَشْرَ سِنِينَ (٢)، وَأَخَّرَ قِتَالَهُمْ حَتَّى نَقَضُوا الْهُدْنَةَ، وَأَخَّرَ قِتَال غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِل بِغَيْرِ هُدْنَةٍ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا كَانَ يُرْجَى مِنَ النَّفْعِ بِتَأْخِيرِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُرْجَى مِنَ النَّفْعِ بِتَقْدِيمِهِ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ (٣) .
_________
(١) ابن عابدين ٣ / ٢١٨، والدسوقي ٢ / ١٧٣، وجواهر الإكليل ١ / ٢٥١، والمهذب ٢ / ٢٢٦، وروضة الطالبين ١٠ / ٢٠٨، والمغني ٨ / ٣٤٨، وكشاف القناع ٣ / ٣٦، والإنصاف ٤ / ١١٦.
(٢) حديث: " أن النبي ﷺ صالح قريشا عشر سنين " أخرجه ابن إسحاق مرسلا عن الزهري كما في سيرة ابن هشام (٢ / ٣١٧ - ط الحلبي) .
(٣) المهذب ٢ / ٢٢٦، والمغني ٨ / ٣٤٨، وكشاف القناع ٣ / ٣٦، والإنصاف ٤ / ١١٦.