الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ - حرف الجيم - جنون - طروء الجنون على من وجب عليه قصاص أو حد - في الحدود

لأَِنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُخَاطَبًا حَال الْوُجُوبِ، وَذَلِكَ بِالْقَضَاءِ وَيَتِمُّ بِالدَّفْعِ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيل، وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا، أَمَّا مَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي إِفَاقَتِهِ. (١)

وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْمَالِكِيَّةِ: فَعِنْدَ مَالِكٍ يُنْتَظَرُ إِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ حَال إِفَاقَتِهِ. قَال ابْنُ الْمَوَّازِ: فَإِنْ أَيِسَ مِنْ إِفَاقَتِهِ كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلاَ يُقْتَل وَهُوَ مَجْنُونٌ، وَقَال الْمُغِيرَةُ: يُسَلَّمُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ الدِّيَةَ، وَقَال اللَّخْمِيُّ: أَرَى أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لأَِوْلِيَاءِ الْمَقْتُول فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلاَّ اتَّبَعُوهُ بِهَا.

وَلَوْ أَشْكَل عَلَى الْبَيِّنَةِ أَقَتَل فِي حَال عَقْلِهِ أَوْ جُنُونِهِ، فَقَال بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لأَِنَّهُ شَكَّ فِي الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتَل حَال كَوْنِهِ فِي عَقْلِهِ. (٢)

ب - فِي الْحُدُودِ:

٣٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - بِالنِّسْبَةِ لِحَدِّ الرِّدَّةِ - عَلَى أَنَّ مَنْ ارْتَدَّ وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ، فَلاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

_________

(١) ابن عابدين ٥ / ٣٤٢، ٣٧٦.

(٢) الحطاب ٦ / ٢٣٢، والزرقاني ٨ / ٣٢٢، وفتح العلي المالك ٢ / ١٦١.