الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ لِعُذْرٍ فَيَجْمَعُ لِلْمَرَضِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ وَحَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ ﵄ لَمَّا كَانَتَا مُسْتَحَاضَتَيْنِ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ وَتَعْجِيل الْعَصْرِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ (١) .

ثُمَّ إِنَّ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءَ قَاسُوا الْمَرَضَ عَلَى السَّفَرِ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ فَقَالُوا: إِنَّ الْمَشَقَّةَ عَلَى الْمَرِيضِ بِجَامِعٍ فِي إِفْرَادِ الصَّلَوَاتِ أَشَدُّ مِنْهَا عَلَى الْمُسَافِرِ.

إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ الْجَمْعَ الْجَائِزَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ هُوَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ فَقَطْ لِمَنْ خَافَ الإِْغْمَاءَ أَوِ الْحُمَّى أَوْ غَيْرَهُمَا. وَإِنْ سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الأَْمْرَاضِ وَلَمْ تُصِبْهُ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي وَقْتِهَا.

أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمَرِيضَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَالْمُسَافِرِ، فَإِنِ اسْتَوَى عِنْدَهُ الأَْمْرَانِ فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى؛ لأَِنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلأُْولَى حَقِيقَةً بِخِلاَفِ الْعَكْسِ، وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْجَمْعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ هُوَ مَا يَلْحَقُهُ بِهِ بِتَأْدِيَةِ كُل صَلاَةٍ فِي وَقْتِهَا مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ.

_________

(١) حديث سهلة أخرجه أبو داود (١ / ٢٠٧ - ط عزت عبيد الدعاس)، وأحمد (٦ / ١٣٩ - ط المكتب الإسلامي) من حديث عائشة. قال المنذري في إسناده محمد بن يسار. وقد اختلف في الاحتجاج به. وحديث حمنة أخرجه كذلك أبو داود (١ / ١٩٩ - ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (١ / ٢٢١ - ط مصطفى الحلبي) . وقال: حديث حسن صحيح.