الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ - حرف الجيم - جمع الصلوات - الجمع للسفر
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ عِلَّةِ هَذِهِ الرُّخْصَةِ هَل هِيَ السَّفَرُ أَوْ هِيَ النُّسُكُ؟ فَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَكْحُولٌ، وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مِنْ أَجْل النُّسُكِ، وَلِهَذَا فَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ، وَلاَ بَيْنَ الْعَرَفِيِّ وَالْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِمْ بِعَرَفَةَ، وَلاَ بَيْنَ الْمُزْدَلِفِيِّ وَغَيْرِهِ بِمُزْدَلِفَةَ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ رُخْصَةٌ مِنْ أَجْل السَّفَرِ (١)، وَاحْتَجُّوا بِالأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْجَمْعِ فِي أَسْفَارِ النَّبِيِّ ﷺ الأُْخْرَى كَمَا يَأْتِي.
الْجَمْعُ لِلسَّفَرِ:
٣ - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، أَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ الطَّوِيل الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الرُّبَاعِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ لِلأَْدِلَّةِ الآْتِيَةِ:
أ - عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا ارْتَحَل قَبْل أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٥٦، والمجموع للإمام النووي ٤ / ٣١٧ وانظر شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي ٢ / ١١٣، والمغني لابن قدامة ٢ / ٢٧١.