الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
وَلَهُمْ فِي الاِسْتِنْجَاءِ بِالْجِلْدِ غَيْرِ الْمَأْكُول تَفْصِيلٌ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ - كَمَا وَرَدَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ - يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ كَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالْعُودِ وَالْخِرْقَةِ وَالْجِلْدِ وَمَا أَشْبَهَهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجِلْدَ الْمُذَكَّى الَّذِي تُحِلُّهُ الذَّكَاةُ يَطْهُرُ بِهَا، وَلَكِنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ لأَِنَّهُ مَطْعُومٌ. أَمَّا غَيْرُ الْمُذَكَّى فَإِنَّهُ لاَ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ أَيْضًا لِنَجَاسَتِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الطَّاهِرُ مِنَ الْجِلْدِ ضَرْبَانِ:
الأَْوَّل: جِلْدُ الْمَأْكُول الْمُذَكَّى وَلَوْ غَيْرَ مَدْبُوغٍ، وَالْمَدْبُوغُ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُول، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْبُوغِ فَفِي جَوَازِ الاِسْتِنْجَاءِ بِهِ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ كَالثِّيَابِ وَسَائِرِ الأَْعْيَانِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ حُرْمَةٌ، فَلَيْسَتْ هِيَ بِحَيْثُ تَمْنَعُ الاِسْتِعْمَال فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ.
وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لأَِمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فِيهِ دُسُومَةً تَمْنَعُ التَّنْشِيفَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَأْكُولٌ حَيْثُ يُؤْكَل الْجِلْدُ التَّابِعُ لِلرُّءُوسِ وَالأَْكَارِعِ تَبَعًا لَهَا، فَصَارَ كَسَائِرِ الْمَطْعُومَاتِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: لاَ يَجُوزُ بِلاَ خِلاَفٍ، وَإِلَيْهِ مَال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَكَثِيرُونَ، وَحَمَلُوا مَا نُقِل مِنْ تَجْوِيزِ الاِسْتِنْجَاءِ عَلَى مَا بَعْدَ الدِّبَاغِ.