الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
وَقَالُوا: إِنَّهُ جِلْدٌ طَاهِرٌ طَرَأَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَجَازَ أَنْ يُطَهَّرَ كَجِلْدِ الْمُذَكَّاةِ إِذَا تَنَجَّسَ؛ لأَِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَةِ لِمَا فِيهَا مِنَ الرُّطُوبَاتِ وَالدِّمَاءِ السَّائِلَةِ، وَأَنَّهَا تَزُول بِالدِّبَاغِ فَتَطْهُرُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ إِذَا غُسِل، وَلأَِنَّ الدِّبَاغَ يَحْفَظُ الصِّحَّةَ عَلَى الْجِلْدِ، وَيُصْلِحُهُ لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ كَالْحَيَاةِ، ثُمَّ الْحَيَاةُ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنِ الْجِلْدِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ. ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: كُل إِهَابٍ دُبِغَ وَهُوَ يَحْتَمِل الدِّبَاغَةَ طَهُرَ، وَمَا لاَ يَحْتَمِلُهَا لاَ يَطْهُرُ، إِلاَّ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لاَ يَطْهُرُ؛ لأَِنَّ الْخِنْزِيرَ نَجِسُ الْعَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ نَجِسَةٌ حَيًّا وَمَيِّتًا فَلَيْسَتْ نَجَاسَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ كَنَجَاسَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، فَلِذَا لَمْ يَقْبَل التَّطْهِيرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إِلاَّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ " مُنْيَةِ الْمُصَلِّي ".
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: كُل الْجُلُودِ النَّجِسَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ إِلاَّ الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَلاَ يَطْهُرُ جِلْدُهُمَا بِالدِّبَاغِ، لأَِنَّ الدِّبَاغَ كَالْحَيَاةِ، ثُمَّ الْحَيَاةُ لاَ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ، وَلاَ يَزِيدُ الدِّبَاغُ عَلَى الْحَيَاةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الدِّبَاغُ تَطْهِيرٌ لِلْجُلُودِ، وَلاَ يُحْتَاجُ بَعْدَهُ إِلَى تَطْهِيرٍ بِالْمَاءِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ - لاَ يَطْهُرُ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ حَتَّى يُغْسَل بِالْمَاءِ؛ لأَِنَّ مَا يُدْبَغُ بِهِ تَنَجَّسَ بِمُلاَقَاةِ الْجِلْدِ، فَإِذَا زَالَتْ نَجَاسَةُ الْجِلْدِ