الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
عَقْدُ الْجِعَالَةِ عَلَى عَمَلٍ غَيْرِ مُبَاحٍ كَغِنَاءٍ، وَرَقْصٍ، وَعَمَل خَمْرٍ، وَنَحْوِهِ كَمَا لاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَيْضًا إِذَا كَانَ الْعَمَل الْمَطْلُوبُ أَدَاؤُهُ بِالْعَقْدِ وَاجِبًا عَلَى الْعَامِل وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، نَحْوُ: رَدُّ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَالْمَسْرُوقَةَ لِصَاحِبِهَا بَعْدَ أَنْ سَمِعَ إِعْلاَنَهُ الْجُعْل عَلَى ذَلِكَ لأَِنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَرْعًا لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَابَل بِعِوَضٍ.
وَلاَ يَشْمَل هَذَا مَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِل بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ، كَتَخْلِيصٍ مِنْ نَحْوِ: حَبْسٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَدَفْعِ ظَالِمٍ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ تُقَابَل بِأُجْرَةٍ.
وَكَذَلِكَ لاَ يَشْمَل هَذَا مَا لَوْ رَدَّ الشَّيْءَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَمَانَةً نَحْوُ: أَنْ يَرُدَّ شَخْصٌ دَابَّةً دَخَلَتْ دَارِهِ لِصَاحِبِهَا بَعْدَ أَنَّ جَاعَل عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ بِالرَّدِّ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَاحِبِهَا، أَمَّا رَدُّهَا فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَبِمِثْل هَذَا الشَّرْطِ أَيْضًا قَال الْمَالِكِيَّةُ.
وَبِهِ أَيْضًا قَال الْحَنَابِلَةُ إِلاَّ أَنَّهُمْ قَسَمُوا الْعَمَل الْوَاجِبَ عَلَى الْعَامِل إِلَى قِسْمَيْنِ:
(الأَْوَّل) مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ سِوَاهُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، فَهَذَا لاَ تَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَيْهِ.
(الثَّانِي) مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ كَالأَْذَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَجٍّ، وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ، وَقُرْآنٍ، وَقَضَاءٍ وَإِفْتَاءٍ، فَهَذَا تَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ.