الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَاحْتِمَالُهَا فِي الْجِعَالَةِ تَوَصُّلًا إِلَى أَصْل الْمَال اضْطِرَارًا أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ لاَ يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَلاَ بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ وَوَصْفِهِ، إِذْ لاَ حَاجَةَ لاِحْتِمَال جَهَالَتِهِ، فَفِي بِنَاءِ حَائِطٍ مَثَلًا يَذْكُرُ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ.
١٢ - ب - وَكَذَلِكَ يَصِحُّ عَقْدُ الْجِعَالَةِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ عَلَيْهِ - كَقَوْل الْجَاعِل: " مَنْ رَدَّ ضَالَّتِي مِنْ مَوْضِعِ كَذَا " أَوْ خِيَاطَةٍ مَوْصُوفَةٍ - عَلَى الرَّاجِحِ لأَِنَّهَا إِذَا جَازَتْ. مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَل فَمَعَ مَعْلُومِيَّتِهِ أَوْلَى. وَبِمِثْل هَذَا كُلِّهِ قَال الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ: يَرَوْنَ عَدَمَ صِحَّةِ الْجِعَالَةِ مُطْلَقًا عَلَى مُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ حَتَّى الشِّفَاءِ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ لاَ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْعَمَل الْمُجَاعَل عَلَيْهِ أَنْوَاعٌ:
١٣ - أ - فَبَعْضُهُ تَصِحُّ فِيهِ الْجِعَالَةُ وَالإِْجَارَةُ وَهُوَ كَثِيرٌ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَعَاقَدَا عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ قَلِيلَةٍ وَشِرَاءِ السِّلَعِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ، وَاقْتِضَاءِ الدُّيُونِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لِلْعَامَّةِ؛ لأَِنَّهُمَا إِنْ تَعَاقَدَا عَلَى مِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الأَْذْرُعِ كَانَ إِجَارَةً، وَإِنْ تَعَاقَدَا عَلَى ظُهُورِ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ كَانَ جِعَالَةً.
١٤ - ب - وَبَعْضُهُ تَصِحُّ فِيهِ الْجِعَالَةُ دُونَ الإِْجَارَةِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَعَاقَدَا عَلَى الإِْتْيَانِ بِالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، أَوِ الْعَبْدِ الآْبِقِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُل مَا يَكُونُ الْعَمَل فِيهِ مَجْهُولًا، فَتُشْتَرَطُ الْجَهَالَةُ بِالْعَمَل هُنَا تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ مَعْلُومِيَّتَهُ