الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْجِعَالَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَبْل شُرُوعِ الْعَامِل فِي الْعَمَل فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ فِيهِ بِدُونِ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَيُّ أَثَرٍ؛ لأَِنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْجَاعِل تَعْلِيقُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِل لِلْجُعْل بِشَرْطٍ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَامِل فَلأَِنَّ الْعَمَل فِيهَا مَجْهُولٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لاَ يَتَّصِفُ عَقْدُهُ بِاللُّزُومِ.
وَيُقَابِل هَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: بِأَنَّهَا عَقْدٌ لاَزِمٌ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ - وَلَوْ قَبْل الشُّرُوعِ كَالإِْجَارَةِ، وَقِيل عِنْدَهُمْ أَيْضًا: إِنَّهَا عَقْدٌ لاَزِمٌ لِلْجَاعِل فَقَطْ بِمُجَرَّدِ إِيجَابِهِ أَوْ إِعْلاَنِهِ دُونَ الْعَامِل، وَأَمَّا بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِل فِي الْعَمَل الْمُجَاعَل عَلَيْهِ وَقَبْل تَمَامِهِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْعَقْدُ غَيْرُ لاَزِمٍ أَيْضًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا، كَمَا قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْعَمَل.
وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِل، أَمَّا الْجَاعِل فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا تَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ تَعَاقُدِهِ هَذَا حَتَّى لاَ يَبْطُل عَلَى الْعَامِل عَمَلُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْعَمَل الَّذِي حَصَل بِهِ الشُّرُوعُ قَلِيلًا لاَ قِيمَةَ لَهُ. (١)
_________
(١) أسنى المطالب ٢ / ٤٤٢، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٤٨، والخرشي ٧ / ٧٠، ٧٦، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير ٢ / ٢٥٧، والمقدمات ٢ / ٣٠٧، وكشاف القناع ٢ / ٤١٩.