الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
بِاسْمِ اللَّهِ. وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ أَوْ خِلاَلٍ. فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوك فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ (١) وَذَكَرَ مِنْ هَذِهِ الْخِصَال الْجِزْيَةَ.
فَقَوْلُهُ ﷺ: عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ. وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْصُل الْمَقْصُودُ وَهُوَ قَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ؛ لأَِنَّهُ لَوِ اخْتَصَّ بِغَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ. فَالْحَدِيثُ يُفِيدُ قَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ، وَإِذَا كَانَ عَامًّا فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَيْضًا قَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ وَأَهْل الْكِتَابِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِقَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَهْل الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ. وَنُقِل عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَل مِنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ إلاَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ. وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا النَّقْل كُلٌّ مِنِ ابْنِ رُشْدٍ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَابْنِ الْجَهْمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (٢) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي تَعْلِيل عَدَمِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: فَعَلَّلَهُ ابْنُ الْجَهْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ إكْرَامٌ لَهُمْ، لِمَكَانِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ.
_________
(١) حديث: " اغزوا باسم الله. . . وإذا لقيت عدوك. . . . " سبق تخريجه ف / ١٠.
(٢) مواهب الجليل ٣ / ٣٨١، وبلغة السالك ١ / ٣٦٦، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٦، والمقدمات على هامش المدونة ١ / ٤٠٠، وبداية المجتهد ١ / ٤٠٤.