الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
لِعِصْمَةِ الإِْنْسَانِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ بَدِيلٌ عَنِ الإِْسْلاَمِ، وَالإِْسْلاَمُ مُؤَبَّدٌ، فَكَذَا بَدِيلُهُ، وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ. وَهَذَا شَرْطٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١) .
وَعَقْدُ الذِّمَّةِ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ لاَ يَمْلِكُ الْمُسْلِمُونَ نَقْضَهُ مَا دَامَ الطَّرَفُ الآْخَرُ مُلْتَزِمًا بِهِ، وَيَنْتَقِضُ مِنْ قِبَل أَهْل الذِّمَّةِ بِأُمُورٍ اخْتُلِفَ فِيهَا، وَلاَ يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْتِزَامَ الْجِزْيَةِ بَاقٍ، وَيَسْتَطِيعُ الْحَاكِمُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى أَدَائِهَا، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمُخَالَفَاتِ فَهِيَ مَعَاصٍ ارْتَكَبُوهَا، وَهِيَ دُونَ الْكُفْرِ، وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ، فَمَا دُونَهُ أَوْلَى (٢) .
فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، أَوْ بِالاِجْتِمَاعِ عَلَى قِتَال الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الإِْسْلاَمِ عَلَيْهِمْ، أَوْ سَبِّ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ قَتْل مُسْلِمٍ أَوِ الزِّنَا بِمُسْلِمَةٍ، أَوْ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِطْلاَعِ أَهْل الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ ارْتِكَابَ هَذِهِ الأُْمُورِ يُخَالِفُ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ بِقِتَالِهِمْ لَنَا
_________
(١) بدائع الصنائع ٩ / ٤٣٣٠، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٩، الزرقاني على مختصر خليل ٢ / ١٤٦، وروضة الطالبين ١٠ / ٢٩٧، ومغني المحتاج ٤ / ٢٤٣، كشاف القناع ٣ / ١١٦.
(٢) بدائع الصنائع ٩ / ٤٣٣٤، وفتح القدير ٥ / ٣٠٢ - ٣٠٣، وتبيين الحقائق ٣ / ٢٨١ - ٢٨٢.