الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهَا بَدَلًا عَنِ الْعِصْمَةِ أَوْ حَقْنِ الدَّمِ بِآيَةِ الْجِزْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى دِمَاءَ الْكُفَّارِ ثُمَّ حَقَنَهَا بِالْجِزْيَةِ، فَكَانَتِ الْجِزْيَةُ عِوَضًا عَنْ حَقْنِ الدَّمِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهَا عِوَضًا عَنْ سُكْنَى الدَّارِ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مَعَ الإِْصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْخُضُوعِ لأَِحْكَامِ الإِْسْلاَمِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ لاَ يُقَرُّونَ فِي دَارِنَا، وَلاَ يَصِيرُونَ مِنْ أَهْل تِلْكَ الدَّارِ إِلاَّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ. فَتَكُونُ الْجِزْيَةُ بِذَلِكَ بَدَلًا عَنْ سُكْنَى دَارِ الإِْسْلاَمِ.
وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْقَيِّمِ هَذَا الْقَوْل مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ صِلَةٌ مَالِيَّةٌ تَجِبُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ، وَلَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ، فَهِيَ لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ حَقْنِ الدَّمِ؛ لأَِنَّ قَتْل الْكَافِرِ جَزَاءٌ مُسْتَحَقٌّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ أَصْلًا كَالْحُدُودِ، وَلِذَا لاَ تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ قَبْل الأَْدَاءِ. وَهِيَ لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ سُكْنَى الدَّارِ؛ لأَِنَّ الذِّمِّيَّ يَسْكُنُ مِلْكَ نَفْسِهِ (١) .
_________
(١) أحكام أهل الذمة ١ / ٢٥، والمبسوط ١٠ / ٨٠، أحكام القرآن ٣ / ١٠١، وحاشية البجيرمي ٤ / ٢٦٩، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٥ / ٢١٣.