الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥ -

الإِْسْلاَمِ، وَأَنَّ الْحُكُومَةَ الإِْسْلاَمِيَّةَ لاَ تُقْدِمُ عَلَى فَرْضِ الْجِزْيَةِ عَلَى الأَْفْرَادِ إِلاَّ بَعْدَ تَخْيِيرِهِمْ بَيْنَ الإِْسْلاَمِ وَالْجِزْيَةِ، وَهِيَ تُفَضِّل دُخُول أَهْل الْبِلاَدِ الْمَفْتُوحَةِ فِي الإِْسْلاَمِ وَإِعْفَاءَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْكُفْرِ وَدَفْعِ الْجِزْيَةِ؛ لأَِنَّهَا دَوْلَةُ هِدَايَةٍ لاَ جِبَايَةٍ.

جَاءَ فِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ قَال: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. . فَاعْرِضْ عَلَى صَاحِبِ الإِْسْكَنْدَرِيَّةِ أَنْ يُعْطِيَكَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَنْ تُخَيِّرُوا مَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ سَبْيِهِمْ بَيْنَ الإِْسْلاَمِ وَبَيْنَ دِينِ قَوْمِهِ، فَمَنِ اخْتَارَ مِنْهُمُ الإِْسْلاَمَ فَهُوَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنِ اخْتَارَ دِينَ قَوْمِهِ وُضِعَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِزْيَةِ مَا يُوضَعُ عَلَى أَهْل دِينِهِ " ثُمَّ قَال: " فَجَمَعْنَا مَا فِي أَيْدِينَا مِنَ السَّبَايَا وَاجْتَمَعَتِ النَّصَارَى، فَجَعَلْنَا نَأْتِي بِالرَّجُل مِمَّنْ فِي أَيْدِينَا، ثُمَّ نُخَيِّرُهُ بَيْنَ الإِْسْلاَمِ وَبَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَإِذَا اخْتَارَ الإِْسْلاَمَ كَبَّرْنَا تَكْبِيرَةً هِيَ أَشَدُّ مِنْ تَكْبِيرِنَا حِينَ نَفْتَحُ الْقَرْيَةَ، ثُمَّ نَحُوزُهُ إِلَيْنَا. وَإِذَا اخْتَارَ النَّصْرَانِيَّةَ نَخَرَتِ النَّصَارَى - أَيْ أَخْرَجُوا أَصْوَاتًا مِنْ أُنُوفِهِمْ - ثُمَّ حَازُوهُ إِلَيْهِمْ وَوَضَعْنَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، وَجَزِعْنَا مِنْ ذَلِكَ جَزَعًا شَدِيدًا حَتَّى كَأَنَّهُ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَّا إِلَيْهِمْ. . فَكَانَ ذَلِكَ الدَّأْبُ حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُمْ (١) ".

_________

(١) الطبري: تاريخ الأمم والملوك - ٤ / ٢٢٧ - دار الفكر ببيروت ١٣٩٩ هـ.