الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ إِنَّمَا هُوَ لِحَوْزِ فَضِيلَتِهِ، وَإِذَا كَانَ مُوقِنًا بِوُجُودِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِيُصَلِّيَ بِالطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ، فَإِنْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى كَانَتْ صَلاَتُهُ بَاطِلَةً وَيُعِيدُهَا أَبَدًا.
وَالشَّافِعِيَّةُ خَصُّوا أَفْضَلِيَّتَهُ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ بِحَالَةِ تَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ - مَعَ جَوَازِهِ فِي أَثْنَائِهِ - لأَِنَّ الْوُضُوءَ هُوَ الأَْصْل وَالأَْكْمَل، فَإِنَّ الصَّلاَةَ بِهِ - وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ - أَفْضَل مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ.
أَمَّا إِذَا ظَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِهِ، فَتَعْجِيل الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ أَفْضَل فِي الأَْظْهَرِ؛ لأَِنَّ فَضِيلَةَ التَّقْدِيمِ مُحَقَّقَةٌ بِخِلاَفِ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ. وَالْقَوْل الثَّانِي: التَّأْخِيرُ أَفْضَل.
أَمَّا إِذَا شَكَّ فَالْمَذْهَبُ تَعْجِيل الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ. وَمَحَل الْخِلاَفِ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى صَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّى أَوَّل الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ وَبِالْوُضُوءِ فِي أَثْنَائِهِ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي إِحْرَازِ الْفَضِيلَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ أَوْلَى بِكُل حَالٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِقَوْل عَلِيٍّ ﵁ فِي الْجُنُبِ: يَتَلَوَّمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلاَّ تَيَمَّمَ وَلأَِنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِلصَّلاَةِ إِلَى مَا بَعْدَ