الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ - حرف التاء - تيسير - أنواع اليسر في الشريعة - النوع الثالث تيسير المكلف على نفسه وعلى غيره - ثالثا تيسير المكلف على غيره

وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ (١) وَقَوْلُهُ: دَعْ مَا يَرِيبُك إِلَى مَا لاَ يَرِيبُك (٢) فَالْوَرَعُ بِتَرْكِ الشُّبُهَاتِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، لَكِنْ مَا دَامَ خَارِجَ دَائِرَةِ الْعُسْرِ وَالْحَرَجِ، فَإِنْ كَانَ فِي التَّوَرُّعِ حَرَجٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَمَشَقَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ سَقَطَ، كَمَا يَسْقُطُ الْحَرَامُ لِلضَّرُورَةِ.

غَيْرَ أَنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي بَيَانُهُ أَنَّ مَا يَكُونُ فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ مُعْتَادًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَمِنْ هُنَا تَمَيَّزَ أَهْل شِدَّةِ الْوَرَعِ مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ مَا كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ (٣) .

ثَالِثًا: تَيْسِيرُ الْمُكَلَّفِ عَلَى غَيْرِهِ:

٥٤ - الْمُؤْمِنُ مُطَالَبٌ شَرْعًا بِالتَّيْسِيرِ عَلَى إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَلاَقَةٌ وَمُعَامَلَةٌ، حَيْثُ يُمْكِنُهُ التَّيْسِيرُ، وَلاَ يُخَالِفُ حُكْمًا شَرْعِيًّا.

_________

(١) حديث: " إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ١٢٦ ط. السلفية)، ومسلم (٣ / ١٢١٩ - ١٢٢٠ ط عيسى الحلبي) واللفظ لمسلم.

(٢» حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يربيك ". أخرجه أحمد (١ / ٢٠٠ ط. المكتب الإسلامي)، والترمذي (٤ / ٢٥١٨ ط مصطفى الحلبي) . وقال: حديث حسن صحيح.

(٣) جامع العلوم والحكم ص٦٨، ٦٩، ١٠٤.